الاحتجاجات الطلابية- نموذج انتفاضي جديد بروح ميدان التحرير؟

مع كتابة هذه السطور، نكون قد تجاوزنا 22 يومًا منذ انطلاق شرارة الاحتجاجات الطلابية، التي بدأت من رحاب جامعة كولومبيا المرموقة في نيويورك، تحديدًا في السابع عشر من أبريل/نيسان المنصرم. هذه الفترة الوجيزة، التي تعادل تقريبًا الفترة التي قضاها الثوار المصريون في ميدان التحرير عام 2011، قد أيقظت في نفوس الكثيرين ما عُرف بـ "روح التحرير"، تلك الروح التي لا يزال عبيرها يملأ الوجدان، رغم مرور السنين.
أجدني، إزاء هذه الاحتجاجات، أو ما يسميها البعض "الثورة الطلابية"، أسترجع ذكرياتٍ عابقة: من احتضان المصلين المسلمين من قِبل المسيحيين، وحماية قداس المسيحيين من قِبل المسلمين، والحرص الشديد على نظافة الميدان وإضفاء البهاء عليه، إلى جانب الغناء والرقص والغرافيتي الذي يزين الجدران، والحب والبهجة الغامرة التي تسود بين الجموع، واكتشاف التعدد والتنوع الذي يقوم على التعارف والتآلف، بدلاً من ادعاء التجانس الزائف الذي يقضي على الخصوصيات، وصولًا إلى الفقير الذي يقتسم رغيف خبزه مع الجميع بسخاء، وحلقات التعليم والتعلّم المثمرة، وتبادل الخبرات وتحليل الأحداث المتسارعة.
لا يهدف هذا المقال إلى الإسهاب في استعراض ذكريات المدينة الثورية الفاضلة، على الرغم من حلاوة تلك الذكريات وجمالها. بل يسعى إلى استخلاص السمات البارزة للنموذج الانتفاضي الذي تجسده هذه الاحتجاجات الطلابية، والذي يشبه إلى حد كبير نموذج ميدان التحرير، ويحمل العديد من خصائص الانتفاضات العربية المتعاقبة. ويبدو أن هذا النموذج سيظل حاضرًا معنا لسنوات عديدة قادمة.
من الأهمية بمكان البحث عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا التشابه الملحوظ، مع الأخذ في الاعتبار الاختلافات والفروقات الدقيقة. قد يعزو البعض هذا التشابه إلى خصائص الأجيال الشابة وأساليب تواصلها الحديثة، بينما يرى آخرون أنه نتاج العولمة وتأثيراتها. تتعدد التفسيرات، ولكن تظل السمات المشتركة بين هذه الحركات كثيرة ومتجذرة.
السمات التسع للنموذج الانتفاضي
- أولا: الاحتفاء بالتعددية والتنوع
لا يقتصر الحراك الطلابي على مشاركة اليسار والشباب اليهودي والعرب والمسلمين وحركات السود والميم فحسب، بل يضم أطيافًا واسعة من الخلفيات المتنوعة، الذين يتوحدون حول هدف مشترك وقيم نبيلة، وإن اختلفت وجهات نظرهم وتصوراتهم.
أعرب أحد الطلاب القادمين من الغرب الأوسط لأستاذه في جامعة نيويورك عن إعجابه الشديد بالحراك، قائلاً: "إنه تعبير صادق عن لحظة فارقة". وأضاف: "أنا معجب جدًا بتضامن الطلاب في الحديقة، والتناغم بين الأديان ووجهات النظر المختلفة".
هؤلاء الشباب، على الرغم من تنوعهم واختلاف مشاربهم، يطرحون أسئلة جوهرية حول العدالة ومستقبل الإنسانية، ويسعون جاهدين للعثور على إجابات شافية، مهما كانت تلك الإجابات مزعجة أو صادمة لأصحاب النفوذ والسلطة. إنهم يعلنون الحقيقة بكل جرأة وصراحة أمام كل سلطة، سواء كانت سلطة رؤساء الجامعات الذين لجأوا إلى القمع، أو سلطة الربح التي تتستر وراء استثمارات الجامعات، أو سلطة بايدن والكونغرس، السلطة السياسية التي تدعم ما يحدث في غزة، أو سلطة وسائل الإعلام المهيمنة، أو سلطة الإنفاق العام... إلخ.
- ثانيا: الشبكية وغياب القيادة المركزية
يشير المحللون والخبراء إلى أن الحركة المؤيدة للفلسطينيين أصبحت تشبه شبكة عنكبوتية مترامية الأطراف، تتكون من مجموعات عديدة، لكل منها وجهات نظر مختلفة حول التكتيكات التي تعتبر مقبولة أو فعالة. تتميز العديد من هذه المجموعات بهيكل قيادي غير مركزي، بل وحتى غياب القائد بشكل كامل، مما يجعل التنبؤ بالخطوات التالية للحركة أمرًا صعبًا للغاية.
للحفاظ على تماسك الحراك واستمراريته، يتم الاتفاق على الخطوات العملية من خلال إشراك أكبر عدد ممكن من الناشطين والفاعلين. ويتم ذلك عبر استطلاعات الرأي والتصويت على المقترحات ذات الأولوية.
تعتمد نظرية العمل في هذه الحركات على البناء من القاعدة إلى القمة، والتوافق على الخطوات التالية، والتركيز على النقاط المشتركة، والتنازل عن الخلافات الهامشية.
إن وجود مجموعات منظمة يساعد في استمرار الحراك وتدفقه، ولكن بالنسبة للأفراد الذين يعملون بمفردهم، فإن هذا المزيج بين الهيكلية واللا هيكلية أمر مألوف ومعتاد. لقد شهدنا هذا الأمر خلال حركة "حياة السود مهمة" في العقد الماضي، وكذلك في انتفاضات الربيع العربيّ.
- ثالثا: الذاكرة التاريخية الفعالة
إن التكتيكات التي يتبعها الطلاب المتظاهرون اليوم ما هي إلا صدى للتكتيكات التي استخدمها جيل سابق من الطلاب، الذين قاموا بإغلاق الحرم الجامعي في أبريل/نيسان 1985 للمطالبة بسحب استثمارات جامعة كولومبيا من جنوب أفريقيا، وهي الاحتجاجات التي كانت بدورها استمرارًا لاقتحام الطلاب للجامعة عام 1968 وسط الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام.
يتم إثراء الذاكرة التاريخية من خلال الانفتاح على تجارب الآخرين التاريخية. إن استدعاء لفظ "الانتفاضة"، المرتبط بالمقاومة الفلسطينية منذ عام 1987 (تاريخ أول انتفاضة في العصر الحديث)، هو مثال واضح على الحضور العربي الفلسطيني القوي في قلب الحراك، وهو أيضًا تعبير عن الانفتاح على تجارب المقاومة لدى الشعوب الأخرى.
في ميشيغان، لفتت انتباهي صورة من المخيم تحمل لافتة كُتب عليها "تحيا الانتفاضة"، وقد أُطلق على الائتلاف الذي يقود الحراك اسم "تحالف التحرير"، وهو تحالف يضم أكثر من 80 منظمة تناضل من أجل سحب الاستثمارات من إسرائيل.
تتطلب فاعلية الذاكرة التاريخية تجديدًا مستمرًا في المفاهيم واللغة الاحتجاجية، وذلك لمواكبة التطورات المتسارعة، ومعالجة المخاوف والهواجس لدى المناصرين المحتملين، والأهم من ذلك هو مواجهة الخطابات المضادة. الانتفاضة، كما ذكرت سابقًا، هي مثال واحد من بين أمثلة عديدة، حيث يتم التمييز بوضوح بين معاداة السامية وبين رفض الصهيونية، واستخدام عبارة "من النهر إلى البحر: فلسطين حرة" لتقويض سياسات الإبادة الجماعية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، والتأكيد على عدم وجود أية علاقة لهذه العبارة بالقضاء على اليهود أو بالدين اليهودي.
إن جوهر التهديد لا يكمن في اليهود أو في حرية التعبير، بل يكمن تحديدًا في سطر من قواعد السلوك الخاصة بالمتظاهرين، والذي قام أحد أساتذتهم بإعادة صياغته: لقد أقسموا ليس فقط على التعامل مع أي متظاهرين مناهضين، ولكن على وجه التحديد مع "الصهاينة".
- رابعا: البحث عن معنى قيمي أخلاقي لحياتهم
من يصغي إلى أصوات الشباب المتظاهر، يدرك تصميمهم الراسخ على الاستمرار في الاحتجاج من أجل قضية يعتبرونها التحدي الأخلاقي الأبرز في حياتهم.
يشير أحد أساتذة هؤلاء الطلاب إلى مسألة الاتساق القيمي، قائلاً: "أليس هؤلاء الطلاب، من خلفياتهم المتنوعة، الذين يدعمون الفلسطينيين، يفعلون فقط ما علمناهم أن يفعلوه؟ ألم نُعلّمهم عن المحرقة ووجوب "ألا يحدث ذلك مرة أخرى"؟ وهل يمكن أن نستغرب إذا كان الدرس الذي يستخلصه الكثير منهم هو أنك بحاجة إلى أن تكون على اطلاع دائم على الإبادة الجماعية، وأن تقف شامخًا وتُقدّر، بدلاً من أن تكون مجرد متفرج سلبي؟".
هذا الالتزام القيمي والاتساق الأخلاقي يستلزمان محاسبة ورفض كل من يخرج عن هذا الالتزام أو ينتهكه. يقول أحد الطلاب معلقًا على تجاوز قام به زميل له قبل بدء الحراك الطلابي: "داخل الحركة، نحن ملتزمون بمحاسبة بعضنا البعض على احترام كرامة جميع البشر".
هذه الشهادة على الذات والآخرين تجعل المراجعة والنقد الذاتي سمة أصيلة في أي حراك ذي طبيعة قيمية وأخلاقية.
تناول أحد الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي تعليقاته السابقة، وكتب: "ما قلته كان خطأ". "يستحق كل فرد في مجتمعنا أن يشعر بالأمان". وأشار إلى أنه أدلى بهذه التعليقات في يناير/كانون الثاني قبل أن ينخرط في الحركة الاحتجاجية، وأضاف أن قادة الاحتجاجات الطلابية لم يتغاضوا عن هذه التعليقات. وكتب: "أنا أتفق مع تقييمهم". وكان قد نشر مقطع فيديو في يناير/كانون الثاني يقول فيه: إن الصهاينة لا يستحقون الحياة.
يرى توماس فريدمان – الكاتب البارز في صحيفة نيويورك تايمز – أن إسرائيل فقدت تعاطف جيل كامل.
- خامسا: القدرة على الإلهام والانتشار
يتأتى الإلهام من تحويل الشأن الشخصي إلى قضية سياسية، والعكس صحيح أيضًا. فمن خصائص السياسة المعاصرة أن المعاناة الشخصية أو الخاصة يمكن بسهولة أن تتحول إلى سياسة عامة، وأن للقضايا العامة تأثيرًا مباشرًا على حياة الأفراد.
يقول أحد الطلاب: "جميعنا مصممون على أن تكون لدينا نقطة تحول في حياتنا، حيث نقول لأنفسنا: هذه هي الأمور الحقيقية التي تهمنا في حياتنا". ويشير طالب آخر إلى العلاقة بين الشأن الشخصي والعام، قائلاً: "إذا كانت جامعاتنا الأكثر ثراءً، والتي تنعم بالاستقرار والثبات وتنعم بأوقافها الوفيرة، غير قادرة على أن تكون قلاعًا لحرية التعبير وساحات للنقاش الجاد حول أصعب الأفكار، فما هو الأمل في أي مؤسسة أخرى في بلادنا؟". وفي الجامعات العامة، أي تلك التي تمولها الدولة، تساءل الطلاب المنحدرون من أصول مهاجرة عن سبب توجيه المليارات للكيان الصهيوني في الوقت الذي يعانون فيه هم وذووهم من نقص حاد في الخدمات العامة.
الموقف يتطور بالممارسة وتثريه التجربة والتقييم الدائم لما تمّ إنجازه. النسق مفتوح وفضفاض، ومن ثَم فهو ليس محددًا بشكل قاطع، وإنما يتطور بشكل تراكمي، والمشارك فيه يروح ويجيء ولا يلتزم بشكل دائم كما في التنظيمات السياسية والأيديولوجية.
التصاعد والانتشار يتم تدريجيًا، بدأ الحراك في جامعة كولومبيا وتصاعد حتى طال كثيرًا من الجامعات الأميركية. بدأ أميركيًا، ثم امتد إلى العالم العربي، وفرنسا، وإنجلترا.
تتحقق القدرة على توسيع الحراك وانتشاره عن طريق عولمة الصورة، وبدعم المؤثرين من جميع أنحاء العالم الذين أشادوا بالطلاب وحيوهم في تضامن يتجاوز الحدود المكانية والثقافية والجندرية.
يمتلك هذا النموذج القدرة على الانتقال من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي وبالعكس أيضًا، في محاولة لتعظيم الاستفادة من خصائص كلا العالمين. يقول أحدهم: كان يسود شعور رائع ببناء مجتمع حقيقي، وليس مجرد مجتمع افتراضي على الإنترنت. وصف شاب يرتدي الكوفية الفلسطينية المعسكر بأنه: قصيدة شيوعية، حيث يتم تقسيم العمل وتلبية احتياجات الجميع.
- سادسا: الأهداف المحددة الواضحة التي يمكن تحقيقها
فقد سبقت الاستجابة لبعض مطالب المتظاهرين، مثل سحب الاستثمارات الجامعية من شركات السلاح والشركات التي تتعاون مع إسرائيل، وإغلاق فروع جامعاتهم في إسرائيل، وإيقاف مشاريع التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.
يجادل هؤلاء الطلاب بأن هذه المطالب قد استجابت لها الإدارات الجامعية في الثمانينيات من القرن الماضي مع تصاعد الاحتجاج ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ويشيرون إلى التناقض الصارخ بين الاستثمار في شركات السلاح ودور الجامعات: فالأولى تنشر العنف والدمار في جميع أنحاء العالم، في حين أن الثانية مهمتها الأساسية هي العلم وحرية التفكير والتعبير.
لقد اتخذ هؤلاء النشطاء، بشكل جماعي وفردي، قرارات ذكية، وكانت اختياراتهم للأهداف والمطالب حكيمة ومدروسة. في وقت مبكر، تجمعت الحركة حول الدعوة إلى سحب الاستثمارات. كان ذلك مهمًا لعدد من الأسباب. وكان للناشطين مطالب واضحة ومحددة، وكانوا يعبرون عنها في انسجام تام وباستمرار.
وإذا لم يتمكنوا من إقناع حكومة الولايات المتحدة بالتحرك لوقف العنف في غزة، وبشكل متزايد في الضفة الغربية (وهو الأمر الذي يتم تجاهله إلى حد كبير)، فيمكنهم على الأقل إقناع جامعاتهم بالتوقف عن دعمه. وهذا هو ما تعنيه المطالبة بسحب الاستثمارات: الحرمان من الدعم المؤسسي من خلال الاستثمار في الجهود الحربية الإسرائيلية إلى أن يتحقق السلام.
قد تبدو المطالب صغيرة، ولكنها جزء من تغيير أعم وأشمل. إن حملة سحب الاستثمارات كانت في أحسن الأحوال جزءًا صغيرًا من جهد تغيير أكبر.
- سابعا: البهجة والسرور والدفء الإنساني
قالت إحدى الطالبات المشاركات في مخيم ميشيغان: "أعتقد أنه إذا قضى الناس أكثر من عشر دقائق في هذا المخيم، فسوف يلمسون الكثير من روح المجتمع والحب والفرح والموسيقى والفن والشعر المفتوح والميكروفونات المفتوحة".
وتضمنت خطط الطلاب ليوم في جامعة جنوب كاليفورنيا جلسات لليوغا، وسلسلة من الدروس والندوات حول فلسطين، وأنشطة مشتركة بين أتباع الديانات المختلفة، وكلها تؤدي إلى الوقفة الاحتجاجية للموتى عند غروب الشمس.
الاحتجاج فعل تواصلي بامتياز، يحتاج إلى التعارف والتأمل، والاستمرار فيه يتطلب البهجة والفرح والشعور بالدفء الإنساني. يقول أحد طلاب كولومبيا: "نحن متحدون في قضيتنا. نحن نبني المجتمع. نحن نأكل معًا. نحن نحافظ على سلامة بعضنا البعض وندفئهم".
الاتصال المباشر يكسر الصور النمطية ويعالج الهواجس والمخاوف. يرفض داو، وهو طالب يهودي، أي افتراض بأن أصله يعني الدعم التلقائي لحرب إسرائيل في غزة. وهو ينتقد القوات الإسرائيلية بشدة، ويرفض الادعاء بأن ما فعلته كان "من أجل حماية هوية شخص يهودي". إن صلاة المسلمين وأذانهم بين المحتجين هو أفضل علاج لداء الإسلاموفوبيا الذي تصاعدت وتيرته بعد "الطوفان".
النموذج الاحتجاجي يتطلب قدرًا كبيرًا من التنظيم الذاتي حتى لا يتحول إلى فوضى عارمة. يصف أحد أساتذة جامعة كولومبيا، التي انطلقت منها الاحتجاجات، ما رآه داخل أسوار الجامعة، قائلاً: "بشكل عام، كانت الصورة تعكس قمة الأدب والكياسة". ويتابع: "منذ تسعة أيام، كان هناك مخيم منظم للطلاب، معظمهم يتحدثون بهدوء، وبعضهم داخل الخيام، ويحتلون مساحة من العشب أمام مكتبة بتلر، أكبر مكتبات كولومبيا".
يقول أحد الطلاب: "جميعنا مصممون على أن تكون لدينا نقطة تحول في حياتنا، نقول فيها: "هذه هي الأمور الحقيقية التي تهمنا في حياتنا". ويشير آخر إلى العلاقة بين الشأن الشخصي والعام، قائلاً: "إذا كانت جامعاتنا الأكثر ثراءً، والتي تنعم بالثبات والاستقرار وتنعم بأوقافها الوفيرة، غير قادرة على أن تكون قلاعًا لحرية التعبير وساحات للنقاش الجاد حول أصعب الأفكار، فما هو الأمل في أي مؤسسة أخرى في بلادنا؟"
بل إن الطلاب المتظاهرين قد نشروا مدونة سلوك مثيرة للإعجاب (ويبدو أن الغالبية الساحقة منهم ملتزمون بها). نصت المدونة على: لا ترمِ القمامة. لا تتعاطَ المخدِّرات أو الكحول. احترم الحدود الشخصية. لا تتعامل مع المتظاهرين المناهضين بعنف أو خشونة.
- ثامنا: السلمية واللاعنف
صرّح رئيس دورية إدارة الشرطة في نيويورك، جون تشيل، بأنه لم يتم تسجيل أية أعمال عنف أو إصابات. وقال: "لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح، الطلاب الذين تم اعتقالهم كانوا مسالمين تمامًا، ولم يبدوا أي مقاومة على الإطلاق، وكانوا يعبرون عما يريدون قوله بطريقة سلمية".
تظهر الدراسات المتعلقة بالاحتجاجات أن "التكتيكات المتطرفة تقلل من الدعم الشعبي للحركات الاجتماعية"، وتخلص إلى أن الدعم العام بدأ ينحسر بعيدًا عن الحركات التي تنخرط في "تدمير الممتلكات، أو الأذى الجسدي لأشخاص آخرين، أو تعطيل كبير للحياة اليومية".
وعلى الرغم من القمع غير المسبوق الذي تواجهه هذه الاحتجاجات، والانتهاك الصارخ لحرية التعبير، فإن الطلاب لم يحيدوا حتى الآن عن سلميتهم والتزامهم باللاعنف. لقد أذهلني وأنا أتابع الصور المتدفقة لاعتقال الطلاب والطالبات، رؤية ابتساماتهم وهدوئهم اللافت. قال أحد الطلاب: "إن العنف الوحيد الذي شهدناه داخل الحرم الجامعي كان يتمثل في قيام الشرطة بنقل الناس إلى السجن".
- تاسعا: القدرة على تغيير السياسة أو عكسها لا تزال ضعيفة
لم تحقق الحركة حتى الآن أهدافها الرئيسية، ولكن هذا لا يعني عدم تحقيقها لإنجازات مهمة.
يرى بعض المحللين أن إبقاء الصراع في غزة في صدارة السياسة الوطنية الأميركية، ودفع عشرات الآلاف من الديمقراطيين للتصويت ضد الرئيس الديمقراطي الحالي، وإثارة قلق السياسيين وجعلهم يفكرون مليًا قبل التحدث علنًا، هي إنجازات مهمة تستحق التقدير.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات المهمة، فإن تغيير السياسات وعكس القرارات يظلان أمرين يصعب تحقيقهما في ظل قوة المؤسسات وتشابك مصالح القائمين عليها.
يرى توماس فريدمان، الكاتب المرموق في صحيفة نيويورك تايمز، أن إسرائيل قد خسرت تعاطف جيل كامل من الشباب.
